الصفحة الرئيسية لبلوج الأبحات والدراسات الأدبية

فهرس دراسات أدبية للكاتب والناقد الكبير الأستاذ عبد الرحمن البجاوى
مع قطرات من الفيض النبوي

مع قطرات من الفيض النبوي بقلم الأستاذ / عبد الرحمن البجاوى


مع قطرات من الفيض النبوي
بقلم الأستاذ / عبد الرحمن البجاوى

من أروع ما يعشق العاشق وأصفى ما ينهل الناهل وأروى ما يطفيء الظاميء الواله أن يسبح في هذا الفيض النوراني ويستمد قطرة نابعة من الحبيب المصطفى (صلى الله عليه وسلم) حيث نرتشف قطرات من فيضه خلال هذه الصفحات التي تكشف عن فراديس الحب الوجداني وأفاويق الشهد الفطري في حياة وسيرة خير الأنام نبينا (محمد بن عبد الله)عليه أفضل الصلوات وأتم السلام
وتضم هذه الصفحات غيضا من فيض القدوة الحسنة والخلق العظيم لهذا النبي الأمي اليتيم  الذي صنعه الله على عينه ووصفه بأنه على خلق لا يرقى إليه بَشَر،وبعثه الله رحمة للعالمين وخاتَما للمرسلين،وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا،ومجاهدا في الله حَق جهاده فدان له العرب والأعاجم وآمن بدعوته القاصي والداني؛ ففي أقل من قرن غزا الإسلام بكتائبه الميمونة قارة (إفريقية) و(آسيا) وعبر (طارق بن زياد) بأسطوله وجنوده إلى بلاد الأندلس فرفرف عليها لواء الإسلام ثمانية قرون !!
وقد أفاض الكتّاب والمؤلفون في رصد وتحليل وجمع كل ما عرِف عن الحبيب الهادي منذ مولده حتى لحاقه بالرفيق الأعلى بعد ثلاثة وستين عاما نشر فيها الأمن والأمان وحرر العبيد وحطم الأوثان فاندكّ الطاغوتُ بأصحاب التيجان والصولجان وسبحان من قال "كل من عليها فان"!!
كما شهد القرن الهجري الماضي نهضة إسلامية مباركة قوية تجلّت آثارها في هذا النبع الفياض من الكتب التي لا تُعَد ولا تُحصى في الحديث عن شمائل المصطفى والسيرة النبوية وجهاد الصحابة وغزَواتِهم لنشر الدعوة،ودور الصّحابيّات في إرساء هذا الصرح العظيم الذي يتعاظم من جيل إلى جيل،ويتأسّى به الخلَف بعد السّلَف،فضلا عن المؤرخين القدامى مثل ابن سعد في (الطبقات الكبرى)وابن هشام في سيرته والطَّبَري في تاريخه،وابن الأثير في (أُسْد الغابة في أعلام الصّحابة) والنُّويريّ في نهاية الأرب،إضافة إلى غير المسلمين الذين تناولوا هذا التراث الشامخ بالتحليل والتبجيل،وفي (الخالدون مائة)نجد أعظم وأول شخصية كتبها مايكل هارت عن الرسول،والبطولة والأبطال لتوماس كارلايل،وقصة الحضارة ل(ويل ديورانت)،ومحمد ل(كارين آرمسترونج)حتى نصل إلى (محمد الرسالة والرسول) د/نظمي لوقا تلميذ العقّاد(1889ـ1964)  صاحب العبقريّات التي على رأسها عبقرية محمد(r)،وهل ننسى دور الشعراء في مدرسة النبوّة بدءا من حسّان بن ثابت وكعب بن زُهير مرورا بالبوصيري القائل:
فمبلغ العلم فيه أنه بشرٌ
وأنه خيرُ خلق الله كلّهمِ
وكلّهم عن رسول الله ملتمِسٌ
غَرفا من البحر أو رشفًا من الدّيَمِ
وحتى الصّرصري العراقي،والشّقِرّاطيسي التونسي وأحمد محرم(1877ـ1945) في (الإلياذة الإسلامية)التي جاءت في  5274 بيتا وشوقي (1869ـ1932) في نهج البُردة و الهمَزيّة ودول العرب وعظماء الإسلام له مما تناوله الباحثون في مؤلّفات ورسائل جامعية لاتُحصى ؟
وهذا الحب الإلهي لرسول الله وعترته الأطهار وآله وأصحابه الأبرار قد دفع الباحثين في الشرق والغرب لعمل هذه المؤلَّفات التي تعكس حبا فوق حب،وتنشَقُ عبيرا من طيب رسولنا الفوّاح وتنعم بالقرآن المنزّل بجبريل الروح  الأمين عليه وعلى نبينا أفضل التسليم كما تنعم بتحليل هذه الأحاديث الشريفة التي تفانَى في جمعها وتبويبها وترتيبها أصحاب السنن الكبار الكرام،ورواية هذا التشريع الذي أوصانا به رسولنا الكريم قائلا:"خذوا عني مناسكَكُم " و "تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي" مما يعَد وثائق متجدّدة لأجيالنا المتواكبة في أركان المعمورة وأساس بناء الدولة المدنية التي تأسستْ بعد الهجرة .
وتقدّم ا.د/مرفت محرم في مؤلّفها الذي عنوانه (قطَراتٌ من فيض الرسول )دراسة عن شخصية رسول الله وصحابته الأبرار بعد أن تفرغت لكتابة وقراءة الروايات المختلفة في المؤلّفات القديمة والحديثة ومتابعة موسوعة شبكة  (النت) ورصد هذه الجوانب والقطرات المتلألئة من سيرة خاتم النبيين والمرسلين،كما أنها تناولت منهج الإصلاح والدعوة من خلال السيرة العطرة وحال العالم قبل بعثة الرسول وصفات العرب الذين ولد فيهم الحبيب وكيف كان بيت النبُّوّة بسيطا دو ن القصور ونشأة اليتيم وبشائر النُّبُوة،والتوازن النفسي والسلوكي في شخصية رسول الله قولا وعملا مع أصحابه ومع أعدائه مؤكدة بما روتْ من أحاديث الصحابة وأمهات المؤمنين،وقد ضربت مثلا من لقاء رسول الله مع (عديّ بن حاتم ) ومع (عمرٍو بن العاص)ومع أهل المدينة المنوّرة،وكيف تعامل الرسول العظيم مع النساء المؤمنات وغير المؤمنات ومع مخالفيه في الرأي وكيف كان العفو في مواقف لا ينكرها التاريخ ولم يأتِ أحدٌ بمثلها ـكما نعلم ـ بعد رسول الله،وفي كل هذا رد على الأدعياء والمتفيهقين والناقدين للحدود التي شرعها الذي يعلم السر وأخفى،كما قدمت ا.د/مرفت محرم زيارة لبيت النبوّة وتواضع الرسول وشرفه،وكيف كان يأكل ويشرب ويلبس وينام ويتداوَى وما في الطب النبوي من سلامة للروح والجسد وفضل أذكار المصطفى ورياضة البدن من خلال الصلاة والصوم وما في الفيض النوراني الذي جاء به البشير النذير .
وختمتْ ا.د/مرفت هذا المؤلف بسرد بعض البطولات التي تتجدد دائما للرسول وصحابته من الرجال والنساء اللائي نزل في شأنهنّ قرآن يتلَى إلى يوم الدين ,كل هذا من خلال أسلوب راقٍ وبيان مشرق صادق وفكر واضح راجح مع رصد لكل هذه القيم والجوانب العلمية و العملية،بارك الله هذا العطاء الزاخر الذي قدمته الأستاذة الدكتورة بعد كتبها السابقة  (في ظلال الحياة،مصر التي، بهجة الروح) والتي سعد بها القُرّاء،ومزيدا من العطاء المتألق في بحار الكلمة الشريفة لله والوطن والدعوة الغرّاء،واللهَ أسأل أن يجعله في عداد حسناتها وأن ينفع به الأمة ويهدينا سواء السبيل،إنه سميع مجيب.

أ /عبد الرحمن البجاوي
عضو اتحاد كتاب مصر