دراسة فى بهجة الروح شعر د.مرفت محرم بقلم أ/عبد الرحمن البجاوى

دراسة فى بهجة الروح

بقلم : أ / عبد الرحمن البيجاوى*

عزيزى القارىء لعلك تسافر معى فى هذه القصائد الباكرة التى تخرجنا من هموم الحياة و آلامها و نتجول فى رياض الفكر و المشاعر الخلاقة و الوجدان الصادق فى هذا الديوان الذى يدعونا إلى البهجة و الفرحة و البسمة و الأمل و السير على شواطىء البحر المتوسط فى الاسكندرية و مرسى مطروح و معايشة أهل الثغر بعاداتهم و تقاليدهم و عشقهم الذى لا ينتهى للأموات و خوضها على مدار العام من مصيف إلى آخر متطلعين إلى وجوه المحبين العاشقين و الفنانين الذين يرسمون لوحات طبيعية و كأنهم جميعا يعتبرون بقدرة الخالق الذى "مد الأرض و جعل فيها رواسى و أنهار و من كل الثمرات جعل فيها زوجين إثنين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون" و قوله سبحانه: "و هو الذى أنزل من السمآء مآء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خَضِراً نُخرج منه حبّاً متراكباً و مِنَ النَّخل من طَلعِها قِنوانٌ دانيةٌ و جنات من أعناب و الزيتون و الرُّمان مُشتبها و غير متشابهٍ ٱنظروا ٳلى ثمره ٳذا أثمر و يَنعِهِ ٳنَّ فى ذالكم لأيات لقوم يؤمنون" آية 99 سورة الأنعام.

و مع هذا الحب الخلاق و التحدث بنعم الله، نجد فيضاً من الحب السامى-حب رسول الله-صلى الله عليه و سلم- الذى تقول فيه الدكتورة ميرڤت محرم عاشقة الفيض الالهى الصوفى و الشوق الدائم ٳلى خاتم الرسل فتقول فى صدق بالغ:

حب الرسول خدنى والحب فيه أسرار

من غير كلام ينعرف بالذكر و الأنوار

ياريت حبيبى ياخدنى بالرضا و البار

و أصلى فى روضته مع صحبة الأبرار

بل ٳنها تعتبر أنها مريدة لسيدى المصطفى صاحب الوداد الموصول و الخلق العظيم فتقول له:

أنا المريدة ياريت كارت قبول

و عن مولد الرسول الذى شغفنا به منذ الطفولة فتناديه الدكتورة ميرڤت فى ٳعتزاز يعبر عن ما فى القلب من ٳشراقات نورانية تطوف فى نهضة الوحى قائلة:

يا أهل مكة و الصفا والركن و الساح الأمين

فيكم ميلاد أحمد طه ٳمام القبلتين

يا عاشقا لجماله صلى على الهادى الأمين

و مع نسمات و ٳبتسامات و أنوار شهر رمضان نجد مقطوعة تتحدث عن المنح الربانية فى هذا الشهر الكريم تقول فيها الدكتورة ميرڤت بجانب ٳعجابها بفانوس رمضان:

شهر الفرحة فيه كام منحة

لكل من تم صيامه و صلى فرضه و قيامه

و حتى قضية النقاب التى استولت على مشاعر الٳعلام و كأنها بنت اليوم مع ٳنها منذ قرن كانت مجالاً للفكر المستنير الذى تناولها شعراً و نثراً و لكن شاعرتنا تقول بخبرتها:

بعض النسا لبسوه شهرة وبعضهم لبسوه فخرة

و ربك العالم وحده مين اللى صادق و الكذاب

و نقرأ لها أن العبرة بالقلوب و بالأعمال و ليس بالمظاهر.. " و لكن الله ينظر ٳلى قلوبكم و أعمالكم ".

و اقرأ معى لبنات جنسها:

التقوى اصلاح القلوب و البعد يا أختى عن العيوب

و سلوك يشرف أصحابه وسط الخلايق و الأحباب

و تتخطى شاعرتنا خطوة تليها أخرى فتكتب شعراً موزوناً و شعراً تفصيلياً و قصيدة و نثر و تشغيلاً درامياً من كل هذا- بل حتى ٳنها لتعود ٳلى فن المقامة التى عرضها الأدب العربى لدى ابن دريد و الهمزانى و الحريرى و حتى عيسى بن هشام للمويلحى و ليالى سطيح الكاهن لحافظ شاهين.. فنجدها تقول فى المقامة المحرمية:

" لى خاطر يحدثنى عن ما حواه القلب و ما جرى، و ما فعل به الزمان يا ترى؟

فلنفتح القلب لنرى حقبة من الزمان قد مضت"

و تختتم مقاماتها بقولها:

"هذا ما حواه القلب الفريد عن حديث من زمن بعيد فالى قلب جديد يحكى خاطر فريد من أحوال البشر."

و ربما كانت مقامات بيرم التونسى ابن الٳسكندرية و هى خمسة و خمسون مقامة حققها د. يسرى العذب لها تأثير فى هذه المقامة المحرمية.

و قد وقفت وقفة بطولية مع أهالى غزة الذين صمدوا لجبروت الاحتلال و القنابل الفوسفورية أربعة عشر يوما ً فى أواخر العام الماضى 2008 م فتقول لأختها فى غزة

فكفكفى الدمع لا تبكى و لا تهنى

بحبك الفخر أن الله يعليك ِ

و لتعملى أنما الأمجاد قادمة

و راية النصر ترفعها أياديك ِ

و للدكتورة ميرڤت محرم شغف كبير فى الٳسكندرية التى عاشت فيها و نعمت بدفئها و شمسها فنقرأ لها:

فوق الرملة الغالية ح بنى قصور و مبانى

مهما كبرت ما هنسى صوت الموج ف ودانى

فيكى الشوق حنية و مشيى فى شطك غيّة

حتى قوامك هو قوامنا زى ما قالوا الناس غزلانى

واللى بيبعد عنك ثنية لجل يفوق يرجعلك تانى

و هذه شهادة نعترف بها جميعا لأن من واجه البحر و سرح فى موجه يدعوه ٳلى غسل همومه و التحقق لمشاهد الحياة فى شطوط العاصمة الثانية عروس البحر الٳسكندرية.

و مع غروب الشمس و ما فيها من بهجة و دلالة على قدرة الخالق الذى يُغير و لا يتغير، نجد الفرحة الشاعرية فى قصيدة بهجة الغروب التى تذكّرنا بما قاله شعرائنا فى القرن الماضى:

سبحانك الله.. سحر الجمال فى صنعتك

و سر الغروب فى قبضتك

و الشمس ترسل ضوءها

من دلائل قدرتك

صفحة من الجمال

تسطرت فى السماء

و من نقطة ٳلى أخرى نعيش مع هذه القصائد و الأبيات و الكلمات التى ترسم بهجة الأرواح المتشوقة ٳلى أن نعيش مع عالم الروح و التذوق و التعالى على عالم المادة و سحرها الفتان.

و الديوان تجربة سابقة لشاعرة خاضت بثقة بحار الشعر العربى قارئة و كاتبة و مستمعة و متذاوقة فضلاً عن ٳحساسها تجاه هذه النعم التى جاد بها المولى سبحانه. كما يتجلى وفاءها لمن علّمها حرفاً نافعاً فتكتب ٳلى العارف بالله- الشيخ محمد حجاج- قائلاً فى صدق شاعرى:

لك سيدى شوق المُريد فأنت رى الظامئين!!

و هى أستاذة فى الاقتصاد الزراعى وتتعايش مع ما يحيط بها فى هذا الكون و أسرتها الموقرة التى تفيض عليها بهذا العطاء النورانى المشرق فى حب مصر و حياة المصراوى.

فتحية موصولة للدكتورة ميرڤت محرم صاحبة بهجة الروح و تقدير المنتدى الٳبداعى الثقافى بالمنوفية الذى يضم نقطة تقدم الجديد فتحتضن المواهب و تعزف على أوتار الشعر و القصة و المسرح و الزجل و النثر الشعرى موجة الخبرات الواعدة ناشرة الزهور الباسمة فى رياض الكلمة المتوضئة التى تسجد لله شكراً و ٳيماناً.

و أستنيح القارئ عذراً فى أننى تناولت مقتطفات من هذا الديوان تاركاً له حرية الٳختيار و معايشة الشعر و الشاعرة فى بهجتها الوافرة و مزيداً من العطاء و الٳشراق فى فن العربية و لغة الضاد.

* عبد الرحمن البجاوى : عضو اتحاد الكتاب بمصر ونائب مدير منتدى الابداع الثقافى بالمنوفية

28\12\2009 م